للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن علمنا أن العام والخاص نزلا معاً، فإن الخاص يخصص العام

كما سبق.

وإن علمنا أن العام نزل وورد بعد الخاص، فإن العام يكون

ناسخاً للخاص، ويثبت الحكم لجميع الأفراد.

وإن لم نعلم التاريخ، حيث لم نعلم تقدم أحدهما، ولا كون

أحدهما مقارناً للآخر، فإنا نتوقف عن العمل بكل واحد منهما حتى

تأتي قرينة تدل على المراد.

وهو مذهب جمهور الحنفية، وإمام الحرمين، والقاضي عبد الجبار.

دليل هذا المذهب:

أن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - قال: " كنا نأخذ الأحدث

بالأحدث من أعمال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ".

وجه الدلالة: أن هذا ظاهر أن المتأخر أوْلى بالعمل من المتقدم

عند العلم أن أحدهما متأخر عن الآخر، ولم يفرق هذا الأثر بين أن

يكون المتقدم الخاص، أو المتقدم العام، فيكون المتأخر منهما هو

المعمول به، فيكون المتأخر ناسخا للمتقدم.

أما إذا علمنا مقارنة الخاص للعام، فلم يوجد مقتضى النسخ

- وهو العلم بالتأخر - فيكون الخاص مخصصا للعام على ما سبق.

أما إذا جهلنا التاريخ فلم نعلم المتقدم منهما فإنا نتوقف؛ لأن كلاً

من العام والخاص دلالته قطعية: فهما متساويان، فإذا عملنا

بأحدهما دون الآخر نكون قد رجحنا واحداً منهما بدون مرجح،

والترجيح بدون مرجح لا يجوز، فيلزمنا التوقف حتى يأتى دليل

يرجح أحدهما.