فإنه بناء على المذهب الأول فإن هذا الاستثناء راجع إلى الجملتين السابقتين معا، وهما الواردتان في قوله تعالى: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً) ،
وقوله: (وأولئك هم الفاسقون) ، والتقدير: " لا تقبلوا لهم شهادة أبداً إلا الذين تابوا منهم فاقبلوا شهادتهم فيما بعد "،
وكذلك يقال: " وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا، فلا يحكم عليهم بفسق ".
أي: أنه على المذهب الأول: القاذف إذا تاب تقبل شهادته،
وتعود إليه عدالته؛ بناء على أن الاستثناء يرجع إلى الجملتين السابقتين.
أما أصحاب المذهب الثاني فإنهم أرجعوا الاستثناء إلى الجملة
الأخيرة فقط، فلذلك قالوا: إن التوبة لا تسقط عدم قبول الشهادة،
بل إن شهادته تبقى مردودة، ولكنها - أي: التوبة - ترفع عنه
وصف الفسق.
٢ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يؤم الرجل في أهله، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه ".
فإن الاستثناء على المذهب الأول يرجع إلى الجملتين السابقتين معا
وهما: " لا يؤم الرجل في أهله "، و " لا يجلس على تكرمته ".
إذن يكون الإذن في الأمرين، أي: لا يؤم الرجل في أهله إلا
بإذنه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه.
أما على المذهب الثاني، فإن الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة
فقط، وعلى ذلك يكون الإذن يشترط في جلوسه على تكرمته فقط،
دون الإمامة في الصلاة، وهكذا تقول في كل ما يماثل ذلك.