المسألة الثانية عشرة: صور الاستثناءات المتعدِّدة:
الصورة الأولى: أن يكون استثناء معطوف على ما قبله كقولك:
" علي عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين "، فترجع جميعها إلى العشرة،
فيكون المقربة خمسة؛ لأن العطف يقتضي الشاركة بين المعطوف
والمعطوف عليه في الحكم، والعطوف خارج من المستثنى منه،
فكذلك المعطوف عليه.
الصورة الثانية: أن لا يعطف الاستثناء، ويكون الثاني مستغرقاً لا
قبله كقولك: " عليّ عشرة إلا اثنين إلا ثلاثة " فترجع جميعها إلى
العشرة وهو الأولى؛ لأن استغراق الثاني للأول يمنع من رجوعه إليه؛
حيث قلنا: إن الاستثناء لا يستغرق.
الصورة الثالثة: عدم وجود العطف، وعدم استغراق الثاني
للأول كقولك: " عليّ عشرة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة " فهنا كل
استثناء يرجع إلى ما قبله مباشرة؛ لقربه منه فيختص به، فتكون
السبعة مستثناة من الثمانية، والثمانية مستثناة من العشرة، والستة
مستثناة من السبعة، ويعمل في ذلك قاعدة: " أن الاستثناء من النفي
إثبات ومن الإثبات نفي "، وتطبق المثال على هذه القاعدة فتقول:
إن " الثمانية " منفية؛ لأننا قد استثنيناها من " العشرة " المثبتة.
وتكون " السبعة " مثبتة؛ لأننا قد استثنيناها من " الثمانية " المنفية.
وتكون " الستة " منفية؛ لأننا قد استثنيناها من " السبعة " المثبتة.
فيلزمه على هذا ثلاثة فقط، قد تقول: كيف أخرجت ذلك؛
نقول: إنه لا استثنى الثمانية من العشرة يكون الباقي اثنين.
ولما استثنى السبعة من الثمانية " المنفية " أي: التي نفاها عنه يكون
بذلك قد أثبت السبعة، فإذا ضممت إلى السبعة الاثنين السابقين
يكون جملة ما لزمه تسعة، فإذا أخرج من التسعة ستة بقي ثلاثة.