كلام المعتزلة، وممن التقى ببعضهم كأبي يعلى الحنبلي في " العدة "،
وإمام الحرمين في " البرهان "، وفخر الدين الرازي في " المحصول "
وابن برهان في " الوصول ".
وأما ما ذكر من فروع فقهية، فإن هذا ألزمهم إياه بعض العلماء؟
لقولهم: " إن الكل واجب "، ولم يكن هذا هو نفس قول المعتزلة.
ولقد أطلت الكلام في بيان نوع الخلاف في هذه المسألة في كتابي
" الخلاف اللفظي عند الأصوليين "، فإن شئت فارجع إليه.
سؤال: إذا كان الخلاف لفظياً، فإنه يكون مقصد المعتزلة هو نفسه
مقصد جمهور العلماء، فلماذا عبَّر جمهور المعتزلة بتعبير يخالف ما
عبَّر به جمهور العلماء؟
جوابه:
أقول - في الجواب عن ذلك -: إن جمهور المعتزلة وصفوا
الجميع بالوجوب - وهو تعبير يخالف ما ذكره جمهور العلماء -
فراراً من التسوية بين الواجب وغير الواجب؛ بناء على قاعدتهم في
" التحسين والتقبيح العقليين "، و " إيجاب الأصلح على اللَّه "؟
حيث قالوا: إن الحكم على الشيء يتبع حسنه أو قبحه، فإيجاب
شيء " ما " تابع لحسنه الخاص به، فلو كان الواجب واحداً لا بعينه،
والباقي غير واجب لخلا الباقي عن المقتضي للوجوب، وأصبح
التخيير بين ما هو واجب، وما ليس بواجب، وهذا لا يقول به
أحد، فلا بد من أن يكون واحد لخصوصه مشتملاً على صفة تقتضي
وجوبه، وحينئذٍ يوصف كل منها بالوجوب والتخيير.
أما نحن فلا نقول بالتحسين والتقبيح العقليين ولا إيجاب الأصلح
على اللَّه، فلا مانع - عندنا - من إطلاق الوجوب على واحد منها لا
بعينه.