للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثاً: شروط الواجب المخير:

إذا علمنا - في المسألة السابقة - أن الخطاب في الواجب المخيَّر

متعلِّق بواحدٍ غير معيَّن، ويتعين بفعل المكلَّف، فهو مخير بين أمور

محصورة، فمتى ما فعل واحداً فإنه هو الواجب في حقه، وهذا

هو التخيير.

ولكن ليس كل تخيير يصح، بل إن التخيير الصحيح له شروط

لا يصح إلا بها، هي كما يلي:

الشرط الأول: أن تكون الأشياء المخير بينها معلومة للمخاطب

ومحصورة ومعينة حتى يحيط بها المكلََّف ويوازن بينها، ويرى ما هو

الأصلح، فيختاره ويقوم به.

الشرط الثاني: أن تتساوى تلك الأشياء المخير بينها في الرتبة.

أي: تكون متساوية في الوجوب، أو الندب، أو الإباحة، فلا

يجوز التخيير بين واجب ومندوب، ولا بين واجب ومباح، ونحو

ذلك؛ فإن التخيير بين الوجوب وتركه يرفع الوجوب.

ولهذا لما استدل داود الظاهري على وجوب النكاح بقوله تعالى:

(فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) : ردَّه العلماء؛ لأن قوله

تعالى: (أو ما ملكت أيمانكم) فيه تخيير بين النكاح وبين ملك

اليمين، ومعروف أن ملك اليمين لا يجب إجماعا، فلذلك امتنع

التخيير بين النكاح وملك اليمين.

الشرط الثالث: أن تكون الأشياء المخير بينها متميزة للمكلَّف،

أي: أن يتميز بعض الأشياء عن بعض، فلا يجوز التخيير بين

متساويين من جميع الوجوه لا يتميز أحدها عن الآخر بوصف، كما