لو خيّر بين أن يصلي أربع ركعات وبين أن يصلي أربع ركعات مع
تساويهما في جميع الصفات.
الشرط الرابع: أن يتعلَّق التخيير بما يستطيع فعله، فلا يصح
التخييربين شيء يستطيعه، وشيء لا يستطيعه.
الشرط الخامس: أن يكون وقت المخيَّر بينها واحداً " حيث يتأتى
الإتيان بكل واحد منهما في وقت واحد، بدلاً عن التغاير، فإنه لو
ذكر للمكلَّف فعلان مؤقتان بوقتين مختلفين: فإن ذلك لا يكون
تخييراً؛ فإنه في وقت الإمكان من فعل الأول لا يتمكن من الفعل
الثاني، وفي الوقت الثاني لا يتمكن من الأول، فلا يتحقق وصف
التخيير أصلاً، وإنما يتحقق ذلك في شيئين يجوز ثبوت أحدهما بدلاً
عن الثاني مع تقدير اتحاد الوقت. نُسب هذا الشرط إلى القاضي
أبي بكر الباقلاني.
قلت: وهذا الشرط باطل من جهة العقل، ومن جهة الشرع.
أما بطلانه من جهة العقل فلأن السيد لو قال لعبده: " عليك
خياطة هذا الثوب يوم السبت، أو بناء هذا الجدار يوم الأحد،
أيهما فعلت: أثبتك، وإن تركت الجميع عاقبتك " كان هذا القول
معقولاً.
أما بطلانه من جهة الشرع فلأن الشرع ورد فيه التخيير بين شيئين
في وقتين مختلفين، وهو أن المسافر سفر طاعة، فإنه يخير بين أن
يصوم وأن يفطر ثم يصوم في وقت آخر.
رابعا: هل يجوز الجمع بين الأمور المخيَّر بينها؟
الأمور المعينة المحصورة المخيَّر بينها قد يحرم على المكلف الجمع
بينها، وقد يباح الجمع بينها، وقد يندب الجمع بينها.