فهو نص على منع التضحية بالعوراء، وبما أن العمى عور مرتين،
فإن العمياء أَوْلى بالحكم المذكور في العوراء بجامع: أن هذا العور
يسبب نقص في القيمة، فالعمياء أحرى بهذا المعنى.
لكن قد يقول قائل: لماذا لم نقل: إن هذا من أمثلة مفهوم
الموافقة القطعي الأولوي.
جوابه:
أن هذا المعنى الذي من أجله منع التضحية بالعوراء لم نجزم به،
بل هو يغلب على ظننا؛ حيث إن هناك احتمالاً آخر وهو: أن يكون
المعنى الذي من أجله منع التضحية بالعوراء: أن العوراء مظنة الهزال
والضعف والسقام؛ لأن العوراء ناقصة البصر، لا ترى إلا ما قابل
عينها المبصرة فقط، فيكون هذا مظنة لنقص رعيها، ونقص رعيها
مظنة لهزالها، وهذا المعنى قد لا يوجد في العمياء؛ لأن صاحبها
يعرف بعماها لذلك تجده يهتم بها ويعلفها، وقد يختار لها أجود
العلف وذلك مظنة السمن.
مثال النوع الرابع - وهو مفهوم الموافقة الظني المساوي -: قوله
عليه الصلاة والسلام: " من أعتق له شركا في عبد فكان له مال يبلغ
ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة عدل فأعطى شركاؤه حصصهم وعتق
عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق ".
فهو يدل على سراية العتق في حق العبد، والعلماء قد ألحقوا
الأمة بالعبد في هذا الحكم؛ لأنه يغلب على الظن عدم وجود الفرق
بينهما في ذلك.
قد يقول قائل: لماذا لم نجعل هذا من أمثلة مفهوم الموافقة القطعي
المساوي.