للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن صحة هذا مشروطة بأن يكون النص غير شامل للفرع، فإن

كان شاملاً للفرع أخذنا حكمه من النص، ولا داعي للقياس.

هذا هو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق، لأن الأصل

وحكمه يعتبران من أركان القياس، فإذا خالف أحد في هذا الأصل،

فيجوز للمستدل أن يثبته بدليل معتمد كالنص وغيره، وهذا حال

جميع أركان القياس إذا خالف في أحدها بعض المعترضين، وليس

طريق إثبات حكم الأصل مقصوراً على الاتفاق - فقط -، بل

يكفي أي دليل يجعل المجتهد يغلب على ظنه أنه قد أثبت ذلك

الحكم، والنص يغلِّب الظن، فيجب أن يثبت به الأصل وحكمه

كالإجماع، لأن الفرق بينهما تحكم.

اعتراض على هذا:

قال قائل - معترضاً -: إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تجوزوا

القياس على ما ثبت بالقياس، مع أن القياس يغلب على الظن أنه

عبت للأصل.

جوابه:

إن الأصل عندنا لا يثبت بالقياس، لذلك لا يجوز القياس على ما

ثبت بالقياس، لأن العِلَّة الجامعة بين الأصل الأول والثاني إن كانت

موجودة في الفرع، فلَيقم المستدل ويقيسه على الأصل الثاني مباشرة

ويكفيه، وإن لم تكن العلَّة موجودة في الفرع لم يصح القياس؛

لأن القياس مبني على وجوَد العِلَّة، وهي هنا ليست كوجودة، لهذا

السبب منعنا القياس على ما ثبت بالقياس.

المذهب الثاني: أنه لا يجوز القياس على المختلف فيه وإن كان

منصوصا عليه.