أما على مذهب بعض الحنفية - وهم القائلون: إن الوجوب
متعلِّق بآخر الوقت - فإنه لا يجب الإتمام على المسافر، ولا القضاء
على الحائض، لأن الوجوب لم يتحقق في أول الوقت.
الخلاف الثالث: الخلاف بين الجمهور - وهم المثبتون للواجب
الموسع - وبين الفرقة الثالثة - وهم الذين قالوا: إن الوجوب يتعلَّق
بالجزء الذي يتصل به الأداء وإلا فآخر الوقت الذي يسع الفعل ولا
يفصل عنه - خلاف لفظي إن أرادوا من قولهم: " إن وقته المعيَّن هو
ما اتصل به الأداء ": أن ذلك وقته بطريق البدلية.
وقد بيَّنت ذلك هناك.
لكن إن أرادوا بتلك العبارة: أنا نتبين عند الأداء أن ذلك وقته،
وأن ما سوى ذلك لم يكن وقته، فالخلاف بينهم وبين الجمهور
معنوي؛ وذلك لمخالفته مقصود الجمهور المثبتين للواجب الموسع.
وقد بيَّنت ذلك بصورة أوسع في كتابي: " الواجب الموسع عند
الأصوليين "، وكتابي: " الخلاف اللفظي عند الأصوليين "،
فارجع إليهما إن شئت.
خامسا: الاختلاف في اشتراط العزم:
لما رجحنا في المسألة السابقة مذهب الجمهور، وهم المثبتون
للواجب الموسع بالأدلة، اختلف هؤلاء - فيما بينهم - في مسألة
وهي: إذا لم يفعل المكلف الفعل في أول وقته، وأراد فعله في آخر
الوقت، فهل يشترط العزم على ذلك أو لا؟
اختُلِف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: يشترط العزم.