للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهم: " أكرم العلماء وأهن الفساق "، فهنا يفهم: أن علَّة إكرام

العلماء هي: العلم، وعِلَّة إهانة الفساق هي: الفسق.

حالات هذا النوع:

الحالة الأولى: الوصف الذي اعتبر وكان عِلَّة في نفسه وذاته كما

مثلنا فيما سبق: فإن العلم هو بنفسه الوصف الذي اعتبر عِلَّة لإكرام

العلماء.

الحالة الثانية: الوصف الذي اعتبر وكان اعتباره؛ لكونه يحتمل:

أن العِلَّة ما تضمنه ذلك الوصف واشتمل عليه.

ومثاله: قوله - صلى الله عليه وسلم -:

" لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان ".

فهنا: نرى أن الشارع قد نهى عن القضاء مع الغضب، والعلَّة

ليست هي نفس الوصف المناسب - وهو الغضب - ولكن العلَّة

هي: " الدهشة المانعة من تركيز الفكر "، التي تضمنها وصف

الغضب.

وسبب قولنا ذلك: أنا لما علمنا أن الغضب اليسير الذي لا يمنع

من استيفاء الفكر ولا يشوش عليه لا يمنع من القضاء، وأن الجوع

المبرح والألم المبرح ومدافعة الأخبثين يمنع من استيفاء الفكر وتركيزه:

علمنا أن عِلَّة المنع ليست هي الغضب، بل تشويش الفكر.

وهذا ما ذهب إليه الغزالي، وفخر الدين الرازي، وكثير من

العلماء.

أما كثير من العلماء فقد ذهبوا إلى أن علَّة النهي عن القضاء هي:

نفس الغضب، فالغضب - عند هؤلاء - هي: العِلَّة المانعة من

القضاء؛ لأن فيه تشويشاً للفكر، واضطراب الحال يؤدي إلى عدم