عرف ذلك، ولأن الصبيان يختلفون في ذلك باختلاف بيئاتهم،
ونوع التربية التي ربوا عليها مما يلزم منه: أن يقال: إن هذا الصبي
مكلف، وذاك غير مكلف فيختلف الحكم باختلاف الصبيان.
لكن الشارع قد وضع لنا حداً إذا بلغه الصبي يكون مكلفاً لا
يختلف فيه الصبيان وهو: حد البلوغ - وهو: خمسة عشر عاما،
أو الاحتلام، أو الإنبات من قبل، وتزيد الصبية الحيض.
كذلك هنا: فإن حكمة الحكم وهي المشقة مثلاً في السفر تختلف
باختلاف الأشخاص والأقوال، فوضع لنا الشارع علامة ظاهرة جلية
لا تختلف باختلاف الأشخاص والأقوال، وهي: السفر، فيكون
الحكم واحداً لجميع المكلفين.
الدليل الثاني: أنه لو جاز التعليل بالحكمة: للزم تخلف الحكم
عن علته، وهذا خلاف الأصل.
فمثلاً لما قلنا بوجوب الحد على الزاني، فإما أن يعلل ذلك
بالوصف المنضبط الظاهر وهو: الزنا، وإما أن يعلل ذلك بحكمته
وهي: اختلاط الأنساب.
لا يمكن أن نعلل بالثاني - وهو اختلاط الأنساب -؛ لأنه يلزم
منه التخلف في بعض الصور؛ حيث يتحقق اختلاط الأنساب بدون
الزنا؛ كأن يأخذ إنسان أطفالأ صغاراً جداً على حين غفلة من آبائهم
وفرقهم حتى صاروا رجالاً، فلن يستطيع آباؤهم التعرف عليهم،
فهنا قد تحققت الحكمة، وهي: اختلاط الأنساب، فينبغي على هذا:
القول بوجوب الحد على من أخذهم؛ لأنه حقق الحكمة، وهي:
اختلاط الأنساب، وهذا لم يقل به أحد، فبان من هذا: أنه، قد