ونفياً للحرج والمشقة والعسر، فرخص في القصر والفطر لعلَّة ظاهرة
جلية لا تختلف باختلاف الأفراد والظروف وهي: مجرد السفر
ثمانين كيلو متراً، ولم يعلق الترخص بالمشقة؛ لأنها مما يضطرب بها
الناس ويختلفون فيها - كما قلنا -.
ويؤيد ذلك: أن الشارع لم يرخص للعمال في التحميل، أو
البناء في الفطر في الحضر مع أنهم يجدون من المشقة ما لا يجده
المسافرون.
كذلك قلنا: إن حد الزنى وجب لعلة وهي: نفس الزنا، ولم
نعلل بالحكمة وهي: اختلاط الأنساب؛ لأنا لو عللنا بوجوب الزنا
باختلاط الأنساب لقال قائل: أنا أضمن أنه لا تختلط الأنساب بأن
أزنى بامرأة لا زوج لها وهى موقوفة لا ترى الرجال ولا يرونها،
وإذا كان الحكم يدور مع العِلة: إذا وجدت وجد الحكم وإذا عدمت
عدم الحكم كما قلنا في الدوران: فإنه على هذا إذا وجد اختلاط
الأنساب وجد الحكم، وهو تحريم الزنا والحد عليه، وإن لم يوجد
اختلاط الأنساب فلا يوجد الحكم، فلا حد على الزاني.
ولكن العلماء قد اتفقوا على بطلان ذلك، وعللوا وجوب حد
الزنا بعلة ظاهرة جلية وهي: نفس الزنا.
كذلك: أوجب الشارع العدة لبراءة الرحم بالوطء الذي هو مظنة
لشغل الرحم حتى لو كان صغيرة أو يائسة مما لا يتصور معها اختلاط
الأنساب، والأمثلة على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى.
وهذا قياسا على ما ذكرناه في أن الصبي المميز غير مكلف؛ حيث
إن الصبي وإن كان مفرقاً بين الخير والشر، والجيد والرديء،
والطيب والخبيث إلا أنا لا نقول بأنه مكلف؛ لأنا لا نعلم بالدقة متى