أن الوصف المشتمل على الحكمة يجوز التعليل به؛ لأمرين:
أولهما: اشتماله على الحكمة، ثانيهما: كونه ظاهراً منضبطا.
بخلاف الحكمة، فإنه لا يتوفر فيها الأمر الثاني؛ لعدم انضباطها
غالبا - كما قلنا سابقا - حيث تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة،
والأشخاص كالمشقة.
المذهب الثالث: التفصيل، بيانه:
إن كانت الحكمة ظاهرة منضبطة بنفسها، فإنه يجوز التعليل بها.
وإن كانت الحكمة خفية مضطربة، فإنه لا يجوز التعليل بها.
وهو ما ذهب إليه الآمدي، وابن الحاجب، والصفي الهندي،
وكثير من الحنابلة.
دليل هذا المذهب:
أنا قلنا: إنه لا يجوز التعليل بالحكمة إذا كانت خفية غير منضبطة
لأمرين هما:
أولهما: أن الحكمة الخفية المضطربة تختلف باختلاف الأشخاص
والأماكن، والأزمان والأحوال، ويعسر معرفة حكمة الحكم والحال
هذه.
ثانيهما: أن التعليل بالحكمة الخفية المضطربة يفضي إلى العسر
والحرج في حق المكلََّف؛ حيث إنه سيكلف بالبحث عنها والاطلاع
عليها، والنصوص تنفي العسر عن المكلفين.
وقد سبق بيان هذين الأمرين في الدليل الأول من أدلة المذهب
الأول، وهو أنه لا يجوز التعليل بالحكمة مطلقاً.