للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقلنا: إنه يجوز التعليل بالحكمة إذا كانت ظاهرة منضبطة؛ لأن

الوصف الظاهر المنضبط يصح التعليل به؛ لاشتماله على حكمة

مقصودة للشارع، وهذا الوصف يعتبر فرعا لحكمته أقيم مقامها؛

لأنه ظاهر منضبط، ومن الواضح أن العلماء لم يقولوا بصلاحية

الوصف للعلية، إلا لأنه مظنة لتلك الحكمة المقصودة أصلاً في

التشريع، فإذا وجدنا الحكمة بهذه الصفة من الظهور والانضباط،

فإنها تكون مساوية لذلك ألوصف بالظهور والانضباط، وعلى هذا

فإن التعليل بها جائز.

جوابه:

إن الحكمة لو كانت ظاهرة منضبطة لجاز التعليل بها؛ لكنها غير

ظاهرة ولا يمكن أن تنضبط؛ لأنها - كما قلت مراراً - تختلف

باختلاف الأشخاص، والأماكن، والأحوال، والأزمان، فهي

راجعة إلى دفع مفسدة، أو جلب مصلحة، وهذه الأمور تختلف

باختلاف الناس وحاجاتهم ومصالحهم، ودفع المفاسد عنهم، وكل

ذلك مما يخفى ويزيد وينقص بحسب الأحوال والأشخاص، فإذا كان

الأمر كذلك فلا تكون ظاهرة، ولا يمكن أن تنضبط إلا نادراً، ولا

يمكننا العلم بهذا النادر إلا بعد عسر وحرج، والعسر والحرج

مرفوعان في الشريعة.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا لفظي، فيما يظهر؛ لأن أصحاب المذاهب قد اتفقوا

على الترخص للمسافر في قصر الصلاة وإباحة الفطر، ولم نجد

واحداً منهم قد نظر إلى تحقق المشقة وعدم تحققها، وهذا يجعل

الخلاف لا أثر له.