وهو مذهب فخر الدين الرازي، وصفي الدين الهندي، وكثير
من العلماء، وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: أن الدوران يدل على ذلك؛ حيث إن الحكم يدور
مع بعض العدميات، فيقال: ثبت واستقر الملك لما عدم الفسخ في
زمن الخيار، ولو وجد الفسخ في زمن الخيار لما ثبت الملك، كذلك
تقول: عدم السبب الشرعي الناقل للملك موجب لحرمة الانتفاع بما
وضعت اليد عليه، ووجود السبب الشرعي الناقل للملك مبيح
للانتفاع به، وهذا هو الدور، والدور يفيد ظن العلية - كما قلنا
فيما سبق - والعمل بالظن واجب.
الدليل الثاني: أن العِلَّة هي: المعرف للحكم - كما قلنا في
تعريف العلَّة - وهذا المعنى لا ينافي العدم؛ لأن العدم قد يكون
معرفا على وجود حكم ثبوتي، كما يكون معرفا لحكم عدمي.
فمثلاً: عدم الشرط يعرفنا عدم المشروط، وعدم العِلَّة يعرفنا
عدم المعلول، فكذلك العدم يعرفنا بوجود حكم ثبوتي، فعدم
امتثال العبد لأوامر سيده يعرفنا غضبه عليه والغضب أمر وجودي.
المذهب الثاني: أنه لا يجوز تعليل الحكم الوجودي بالوصف
العدمي.
وهو مذهب الآمدي، وابن الحاجب، وكثير من الشافعية، وهو
مذهب أكثر الحنفية.
أدلة هذا المذهب:
الدليل م لأول: أنه اتفق على أنه يجب على المجتهد البحث عن
عِلَّة الحكم بالسبر والتقسيم للأوصاف التي تصلح للعلية - كما سبق