بيانه - وهذا شيء يستطيعه المجتهد في الأوصاف الثبوتية، أما
الأوصاف العدمية فإنها غير متناهية لذلك لا يجب عليه سبرها؛
لعدم استطاعته على حصرها -، وهذا يدلنا على أن الأوصاف العدمية
لا تصلح للعلية؛ إذ لو كانت واجبة لوجب على المجتهد سبرها
شأنها في ذلك شأن الأوصاف الثبوتية؛ لأنه لا يجوز إهمال شيء مما
يصح التعليل به.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ ما ذكرتموه، بل يجب على المجتهد سبر
جميع العلل التي يمكن أن يعلل به الحكم، سواء كانت ثبوتية، أو
عدمية، وإن لم يفعل المجتهد ذلك فلا يصلح للاجتهاد.
الجواب الثاني: سلمنا عدم وجوب سبر الأوصاف العدمية على
المجتهد، فليس ذلك الحكم؛ نظراً لعدم صلاحيتها للتعلل بها، بل
إن ذلك سقط عن المجتهد لتعذره؛ حيث إن العدميات غير متناهية.
الدليل الثاني: أنه يصح في الاستعمال اللغوي والعرفي أن يقول
قائل - سائلاً -: " أي شيء وجد حتى حدث هذا الأمر؟ "،
وهذا يفهم أنه لو لم يكن الحدوث متوقفا على وجود شيء: لكان
لغواً شأنه في ذلك شأن قول القائل: " أي رجل مات حتى حدث
لفلان هذا المال؟ "، فإن حدوث المال غير متوقف على موت أحد،
فكان سؤالاً فاسداً.
وهذا كله يفيد: أنه لا بد للحكم الثبوتي من عِلَّة وجودية
وثبوتية، وهو يتضمن عدم جواز التعليل بالعدم.