فاتضح من ذلك: الفرق بين الوصف الطردي، والوصف
المناسب، والوصف الشبهي، والدوران.
وقد سبقت أمثلة الوصف الطردي أثناء كلامنا عن الوصف
الشبهي، ومنها: قول بعضهم في نية الوضوء: عبادة يبطلها
الحدث، وتشطر بعذر السفر فيشترط فيها النية كالصلاة.
ومنها: قول بعضهم في طهارة الكلب: حيوان مألوف له شعر
كالصوف، فكان طاهراً كالخروف.
فهل الطرد دليل على صحة العِلَّة؟
وللجواب عن ذلك أقول: في ذلك تفصيل:
فالقائلون بأن الدوران لا يكون دليلاً على صحة العلَّة، ولا يعتبر
طريقاً لثبوت العلَّة كابن السمعاني، والآمدي، وابن الحاجب،.
وأكثر الحنفية - كما سبق بيانه - يقولون بعدم اعتبار الطرد طريقا
لصحة العِلَّة من باب أوْلى؛ لأن الطرد يتعلق بجانب الوجود فقط،
لذلك سُمِّي بـ " الدوران الوجودي ".
أما الدوران فهو يتعلق بجانب الوجود والعدم معا - وقد تقدم
الإشارة إلى ذلك أثناء تعريفنا للدوران، فمن نفى أن يكون الدوران
طريقاً لثبوت العِلَّة: نفى أن يكودط الطرد دليلاً على ثبوتها وصحتها.
أما القائلون بأن الدوران حُجَّة، وأنه دليل على صحة العلَّة - وهو
قول أكثر العلماء، وهو الذي رجحناه - فإنهم اختلفوا في الطرد
هل يصلح أن يكون دليلاً لصحة العِلَّة أو لا؟ على مذهبين:
المذهب الأول: أن الطرد لا يصلح دليلاً على صحة العِلَّة مطلقا.
وهو قول جمهور القائلين بحجية الدوران، وهو الحق؛ لدليلين: