ذلك الحكم مطابق للحكمة والمصلحة، فتميل النفوس - بطبيعتها -
إلى قبول ما عرفت الحكمة والمصلحة التي من أجلها شرع ذلك
الحكم أكثر من قبولها للأحكام التي لم تعرف الحكمة والمصلحة التي
من أجلها شرع الحكم، وهذه فائدة عظيمة لمن تدبرها.
الفائدة الثانية: لو ظهرت علَّة قاصرة، وعلَّة متعدية في حكم
واحد، ولم يوجد دليل يرجح العلَّة المتعدية بالعلية، فإنه لا يجوز
تعدية الحكم إلى الفرع؛ لأن وجود العلَّة القاصرة منع من ذلك؛
فلولا وجود العِلَّة القاصرة لتعدى الحكم بتلك العِلَّة من غير توقف
على دليل مرجح.
الفائدة الثالثة: أن ثبوت العلَّة القاصرة دليل يستدل به المجتهد على
اختصاص النص الأصلي بذلك الحكم، وحينئذ لا يشتغل المجتهد
بالتعليل لأجل أن يعدي الحكم إلى الفرع، وذلك حينما عرف
اختصاص الأصل به.
الفائدة الرابعة: أن العلَّة القاصرة تفيد بمفهومها، فإذا ثبتت النقدية
عِلَّة في النقدين، فإن عدَم النقدية مشعر بانتفاء تحريم الربا.
الفائدة الخامسة: أن العارف للعلة القاصرة يحصل له أجران إذا
امتثل الحكم: أجر قصد به الامتثال، وأجر قصد به فعل الفعل
لأجل العِلَّة القاصرة من جلب مصلحة أو دفع مفسدة.
الفائدة السادسة: أن العلَّة قد تكون في زمان قاصرة، لا فرع
لها، ولكن قد يحدث هناكَ فرع في المعنى علق على العِلَّة نفسها،
فحينئذٍ يقوم المجتهد بإلحاق ذلك بالمنصوص عليه.
وهذه الفوائد قد اعترض على بعضها، ولكن هذه الاعتراضات
ضعيفة؛ لذلك لم أذكرها.