فكما تلاحظ فإن المستدل أراد بقياسه: إثبات اشتراط انضمام أمر
إلى الاعتكاف؛ حيث إن الاعتكاف بنفسه لا يكفي؛ كما هو الحال
في الوقوف بعرفة؛ حيث لا بد فيه من الإحرام، والأمر الذي يريد
المستدل أن ينضم إلى الاعتكاف هو الصوم إلا أنه لم يصرح به.
والمعترض - كما تلاحظ - قد صرح بالحكم الذي يريد إثباته؛
فهو قلب على المستدل استدلاله باعتماده على أصل المستدل وعلته،
مثبتا في الفرع حكما مخالفا لحكم المستدل، وهو بفعله هذا قد أبطل
مذهب المستدل الذي لم يصرح به.
النوع الثاني: قلب التسوية وهو: أن يكون في الأصل حكمان:
أحدهما: منتف عن الفرع بالاتفاق بين المعترض والمستدل، والحكم
الآخر مختلف فيه بينهما، فإذا قام المستدل بإثبات ذلك المختلف فيه
بالقياس على الأصل اعترضه المعترض بوجوب التسوية بين الحكمين
في الفرع بالقياس على الأصل، فيلزم من وجوب التسوية بينهما في
الفرع إبطال مذهب المستدل.
أي: أنه من لازم ثبوت هذه المساواة بين الحكمين في الفرع: أن
لا يثبت الحكم الذي أراده المستدل في الفرع؛ لأنه بالمساواة التحق
بالحكم المتفق على انتفائه عن الفرع.
مثاله: قول المستدل - للاستدلال على وقوع طلاق المكرَه -:
المكرَه مكلف مالك للعصمة، فيقع عليه الطلاق؛ قياسا على
المختار.
فيقول المعترض: المكرَه مكلف مالك للعصمة، فيستوي فيه
إقراره بالطلاق، وإيقاع الطلاق؛ قياسا على المختار.