فهنا تلاحظ: أن الأصل الذي استند عليه المستدل في قياسه قد
اشتمل على أمرين هما: " الإقرار بالطلاق "، و " إيقاع الطلاق ".
وحكم الأول - وهو الإقرار بالطلاق - فقد اتفق على نفيه المستدل
والمعترض، أي: اتفقا على أن المكرَه لا يؤخد بإقراره بالطلاق؛
لسلب الاختيار عنه.
أما حكم الثاني - وهو إيقاع الطلاق - فقد اختلف المستدل
والمعترض فيه.
فالمستدل أراد بقياسه إثبات هذا الحكم - وهو إيقاع الطلاق في
الفرع - وهو المكرَه - وهو قول الحنفي.
والمعترض - وهو الشافعي - بين المساواة بين الحكمين في الفرع،
ومن لازم التسوية بينهما: أن ينتفي الحكم هذا، وهو إيقاع الطلاق
الذي أراد المستدل إثباته في الفرع - وهو المكرَه -.
النوع الثالث: قلب العِلَّة حكما والحكم عِلَّة، وهو: أن يورد
المستدل قياسه الذي اشتملَ على أصل وعِلَّة وحكم لإثبات ذلك
الحكم في فرع يرى أنه وجدت فيه عِلَّة الأصل، فينظر المعترض في
قياس المستدل، فيقلب ما كان عِلَّة إلى حكم، وما كان حكما إلى
علة؛ لبيان أن ما جعله المستدل علَّة لا يصح أن يكون عِلَّة؛ نظرا
لصحة جعله حكما، فيلزم من ذلك: أن لا يثبت في الفرع الحكم
الذي أراد المستدل إثباته فيه.
مثال ذلك: قول المستدل: يصح ظهار الذمي؛ لأن من صح
طلاقه صح ظهاره؛ قياسا على المسلم.
فيقول المعترض: المسلم صح طلاقه؛ لأنه صح ظهاره.