فعندنا مقدمتان:
الأولى: أن ما لا يتم الواجب إلا به لا بد منه في الواجب.
الثانية: أن ما لا بد منه في الواجب يكون واجباً.
دليل المقدمة الأولى: أن ما لا بد منه في الشيء الواجب لا يكمل
ذلك الشيء الواجب إلا به.
دليل المقدمة الثانية: أن ما لا بد منه المكمل للواجب لازم،
واللازم واجب، فما لا بد منه واجب.
فنتج من المقدمتين: أن ما لا يتم الواجب إلا به واجب.
الدليل الثاني: أن الواقع المحسوس يشهد لذلك، فإن السيد لو
قال لعبده: " ائتني بماء "، ولا يوجد الماء إلا في البئر، فإنه لا
يمكن أن يحضر الماء لسيده إلا بسحب الماء من البئر برشاء ودلو،
فيلزمه - حينئذٍ - إحضار الرشاء والدلو ليسحب بهما الماء، وذلك
ليفعل ما أمره به سيده إذا كان له طريق إليه، فلا يجوز له تركه - مع
القدرة - وإلا لاستحق العقوبة من السيد.
فلذلك لزمه ووجب عليه إحضار السبب " وهو الرشاء والدلو "
الذي بواسطتهما يمكنه تنفيذ أمر سيده، وهو جلب الماء؛ لأنه لا
يمكن إحضار الماء إلا بهما، فلذلك وجبا.
فنتج أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
تنبيه:
اختلف الجمهور - وهم أصحاب المذهب الأول - في وجوب ما لا
يتم الواجب إلا به - وهي مقدمة الواجب -
هل هو متلقى من نفس الصيغة الموجبة للواجب، أو متلقى من دلالتها؟