للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جوابه:

يجاب عن ذلك بجوابين:

الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ عموم الآية، بل إن الآية وردت لرد ما

كان يقوله الكفار بأن ما يأتي به - صلى الله عليه وسلم - من القرآن ليس وحيا من عند اللَّه، بل هو افتراء منه على اللَّه - تعالى - فالضمير في قوله

تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) يرجع إلى القرآن، فيكون تقدير

الآية كذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق فيما ينطق به من القرآن من هوى نفسه، ما القرآن إلا وحي يوحى إليه من اللَّه تعالى، فعلى هذا تنفي الآية: أن يتكلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بغير القرآن، ولا تمنع الآية من ذلك.

الجواب الثاني: سلمنا أن الآية عامة في جميع ما نطق به الرسول

- صلى الله عليه وسلم - من القرآن وغيره، إلا أن ذلك لا ينفي اجتهاده - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لو كان متعبداً بالاجتهاد بواسطة الوحي لما كان اجتهاده نطقا عن الهوى، بل كان بالوحي، وما حكم به باجتهاده إما صواب من أول الأمر، أو يحتمل الخطأ في بادئ أمره، لكن اللَّه تعالى يرشده إلى الصواب، أو يقره عليه، فلا يحتمل غير الحق.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا معنوي؛ حيث إنه بجوز بناء على المذهب الأول أن

يكتفي المجتهد بالاستدلال على حكم مسألة بدليل ظني مع أنه قادر

على الاستدلال عليه بدليل قطعي.

كما يجوز على هذا المذهب الاجتهاد في أوقات الصلاة والقِبْلة مع

إمكان الصبر إلى اليقين.

أما بناء على المذهب الثاني فلا يجوز كل ذلك.