للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن حابس - رضي اللَّه عنه -: لعامنا هذا أم للأبد؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هو للأبد، ولو قلت لعامنا لوجب ".

وجه الدلالة: أنه لو لم يكن للرسول - صلى الله عليه وسلم - الاختيار لما قال ما قال، وكون الاختيار له - صلى الله عليه وسلم - في أن يقول:

" نعم " ظاهره الاختيار بالاجتهاد،

أي: له الحق في أن يقول ذلك بالاجتهاد.

الدليل الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -

لما أراد أن ينزل ببدر دون الماء، قال

له الحباب بن المنذر: إن كان هذا بوحي فنعم، وإن كان الرأي

والمكيدة فأنزل بالناس دون الماء، لنحول بينه وبين العدو، فقال

لهم: ليس بوحي، وإنما هو رأي واجتهاد، ورجع إلى قوله،

ورحل وذهب إلى الموضع الذي أشار به الحباب، فهذا صريح في

وقوع الاجتهاد منه - صلى الله عليه وسلم -.

الدليل الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال بشأن مكة:

" لا يختلى خلاها، ولا يعتضد شجرها ... "

قال له العباس: إلا الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا،

فقال عليه السلام: " إلا الإذخر ".

فلم يقبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قول العباس الطالب للتخفيف إلا بالاجتهاد ومعلوم أن الوحي لم ينزل عليه في تلك الحالة، فكان الاستثناء

بالاجتهاد.

اعتراض على هذا:

قال قائل - معترضا -: إن هذا الدليل يحتمل احتمالات هي:

الأول: أنه يحتمل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان مأموراً بالوحي بالاستثناء عندما يسأله العباس.

الثاني: أنه يحتمل أن جبريل - عليه السلام - كان حاضراً،

فأشار إليه بقبول طلب العباس.