للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الابن ابنا، ولا يجعل أب الأب أبا "، فلو كان كل مجتهد مصيبا لما

أنكر على زيد، ولقال هو: هو مصيب، وأنا مصيب.

فهذه الأمثلة والصور وإن لم تتواتر آحادها إلا أنه بمجموعها تفيد

حصول التواتر عن طريق المعنى على أن الصحابة - رضي اللَّه عنهم -

قد اتفقوا على أن الحق واحد يصيبه بعض المجتهدين ويخطئه آخرون.

ما اعترض به على هذا الدليل:

الاعتراض الأول: أن إنكار بعضهم على بعض لا يدل على أن

الحق واحد، وأن بعض المجتهدين يصيبه، والبعض الآخر قد

يخطئه، بل إن الواحد قد نسب الخطأ إلى الآخر في اجتهاده؛ نظراً

لأن الصحابي المخطئ لم يبلغ درجة الاجتهاد، لذلك أنكر عليه.

جوابه:

أن هذا الاعتراض ظاهر البطلان؛ لأن الصحابة الذين قد اتهموا

بالخطأ في الاجتهاد، أو اتهموا أنفسهم: هم من كبار الصحابة

المجتهدين كأبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعثمان،

وعبد الرحمن بن عوف، وعلي، كما سبق في الأمثلة، فإن كان

هؤلاء لم يبلغوا درجة الاجتهاد وليسوا أهلاً له، فمن الذي بلغ

درجة الاجتهاد في نظر هذا المعترض؟!

الاعتراض الثاني: أن الواحد قد نسب الخطأ إلى الآخر في

اجتهاده؛ نظراً لأن الصحابي المخطئ قد بلغ درجة الاجتهاد لكنه قد

قصر في الاجتهاد، ولم يبذل قصارى جهده للوصول إلى الحق.

جوابه:

إن هذا ظاهر الفساد - أيضا -؛ لأنه سوء ظن في الصحابة