- رضي اللَّه عنهم -، وأنهم فرَّطوا، وقصروا في النظر، وأفتوا
بالخطأ مع استطاعتهم على الوصول إلى الصواب، وهذا فيه حكم
بالجهل، وحكم بالهوى والتشهي المجرد، وهذا لا يمكن في صحابة
قد اختارهم اللَّه لصحبة نبيه لمجيم، وعدَّلهم اللَّه ورسوله، وبذلوا
النفس والنفيس لأجل إعلاء كلمة اللَّه، ونصرة دينه.
فهذا الاعتراض يدل على أن قائله جاهل بأحوال الصحابة وما هم
عليه من التقوى والورع والزهد، وأنهم يتدافعون الفتوى، ولا يفتي
أحدهم إلا بعد التروي والمكث الطويل، ومن كان جاهلاً بهذه
الأحوال عن الصحابة، فلا يعتد بقوله.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكما وعلما) .
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى قد بين أن المصيب واحد، وأن الحق
في قوله، وهو سليمان - عليه السلام - فخصصه بفهم الحق في
تلك الواقعة، وهذا يدل على عدم فهم داود - عليه السلام - له،
فلو كانا مصيبين معاً في الحكم لم يكن سليمان مختصا بفهمها.
أي: لو استوى داود وسليمان - عليهما السلام - في إصابة
الحكم لما كان تخصيص سليمان بالفهم مقيدا.
وهذه الآية تدل - أيضا - على أن الإثم محطوط عن المجتهد
المخطئ؛ لأن اللَّه تعالى مدح كلًّا من داود وسليمان فى آخر الآية
السابقة.
ما افترض به على هذا الدليل:
الاعتراض الأول: معروف أنه لا يجوز الخطأ على الأنبياء - عليهم