الجواز، وسأل مجتهدا آخر فافتاه بأن حكمها التحريم: فإن العامي
يختار أيهما شاء إما حكم الجواز، أو التحريم، ولا حرج عليه في
ذلك، فكذلك المجتهد إذا تعارض عنده دليلان يختار أيهما شاء ولا
فرق بجامع: أن كلًّا منهما يتخير، فالعامي يتخير بين حكمين،
والمجتهد يتخير بين دليلين.
جوابه:
يجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: أنا لا نُسَلِّمُ الحكم في الأصل المقاس عليه وهو
العامي؛ حيث إن العلماء اختلفوا في العامي إذا أفتاه مجتهدان قد
اختلفا في الحكم على أقوال:
فقيل: إن العامي يتخير بين فتوى هذا، وفتوى ذاك، وهو رأي
أكثر العلماء.
وقيل: إن العامي ينظر في أعيان المجتهدين، فيقبل قول أدينهما،
وأعلمهما، وهو مذهب كثير من الحنابلة، وبعض الشافعية.
وقيل: إن العامي يأخذ بالأثقل والأغلظ من قولي المجتهدين؛
احتياطاً.
وقيل: إن العامي يأخذ بالأسهل والأخف من قوليهما؛ لأن
الشريعة جاءت باليسر.
وقيل: إن العامي يأخذ بالأرجح دليلاً في اعتقاده.
وقيل: إنه ينبغي أن يسأل مجتهداً ثالثا.
إذن الحكم في الأصل مختلف فيه، فلا يجوز لكم أن تقيسوا على
أصل قد اختلف في حكمه.