الجواب الثاني: سلمنا أن الأصل المقاس عليه قد اتفق على حكمه
وهو: أن العامي يتخير بين الحكمين، فإن هذا القياس فاسد؛ لأنه
قياس مع الفارق، ووجه الفرق:
أن العامي ليس أهلاً للنظر في الأدلة، ولم يتعبَّده الشارع باتباع
موجب ظنه.
وكذلك فإن العامي لا يكلف بأن يرجح بين حكمي المجتهدين في
حادثته.
أما المجتهد فإنه يختلف عنه في ذلك؛ فإنه أهل للنظر في الأدلة،
وقد تعبّده اللَّه باتباع موجب ظنه، وهو مكلف بترجيح أحد الدليلين
إذا تعارضا.
فأما إذا تعارض دليلان، ولم يجد مرجحا لأحدهما على الآخر،
فإنه لم يغلب على ظنه ترجيح أحد الدليلين على الآخر؛ لأنه لا ظن
له هنا، فحينئذٍ يجب عليه التوقف.
الدليل الثالث: أن التخيير بين الحكمين في الشرع قد وقع في
صور، ومنها:
١ - التخيير بين خصال كفارة اليمين بين الإعتاق، أو الإطعام،
أو الكسوة.
٢ - أن من دخل الكعبة، فإنه يخير بأن يستقبل أي جدار أراد.
ووقوع التخيير في الشرع دليل على أن التخيير بين الدليلين بالنسبة
للمجتهد ليس ببعيد ولا بمستنكر.
جوابه:
أنا لا ننكر أن التخيير قد ورد في الشرع كما ذكرتم من الأمثلة،