والمجتهد غير عاجز، فلا يكون في معنى العاجز، فيجب عليه أن
يطلب الحق بنفسه، ولا يساوى بالعامي.
الدليل الثاثي: قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) .
وجه الدلالة: أن المجتهد من أولي الأبصار الذين أمرهم الله
تعالى بالاعتبار والاجتهاد، فلو جاز له تقليد غيره: لكان تاركا ما
وجب عليه، وترك الواجب حرام، فكان تقليده لمجتهد آخر حراما.
الدليل الثالث - وهو: خاص للاستدلال على أن المجتهد لا يقلد
الآخر وإن كان مثله في العلم أو أقوى منه -: أن الواجب على
المجتهد أن ينظر في المسألة:
فإن غلب على ظنه أن الحكم في المسألة كذا، ووافق ذلك ما
غلب على ظن المجتهد الأقوى فحسن.
وإن غلب على ظن المجتهد الأقل علما خلاف ما غلب على ظن
المجتهد الأقوى علما، فماذا ينفع كونه أقوى علما، وقد صار ما
غلب على ظنه مزيفا وباطلاً عند المجتهد الأقل علما، والخطأ جائز
على الأعلم، وظن المجتهد الأقل علما أقوى في نفسه من ظن غيره،
وإن كان أعلم منه، وللمجتهد الأقل علما أن يأخذ بظن نفسه اتفاقا،
ولا يلزمه تقليد غيره وإن كان أعلم منه.
ويؤيد ذلك: أن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - قد سوغوا
الخلاف لصغار الصحابة كابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير،
وزيد، وغيرهم من أحداث الصحابة؛ حيث كانوا يخالفون كبار
الصحابة كأبي بكر، وعمر، وعلي، وغيرهم.
اعتراض على ذلك:
قال قائل - معترضا -: إن بعض الصحابة: مثل طلحة بن عبيد الله