والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن
عوف لم ينقل عنهم أنهم نظروا في الأحكام، واجتهدوا فيها، مع
ظهور الخلاف في عدة مسائل كمسالة: الجد والإخوة، والعول،
والتحريم، ونحوها مما يدل على أنهم أخذوا بقول غيرهم من
الصحابة الآخرين، وقلدوهم في ذلك.
جوابه:
أن ما ذكررم من الصحابة - رضي اللَّه عنهم - وما ماثلهم كانوا لا
يفتون ولا ينظرون في الأحكام؛ لأنهم اكتفوا بغيرهم من الصحابة،
أما علمهم في حق أنفسهم فلم يكن إلا بما سمعوه من - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والسّنَة، وعرفوه، فإن وقعت واقعة لم يعرفوا دليلها
شاوروا غيرهم؛ ليعرفوا الدليل، لا لأجل التقليد.
المذهب الثاني: أنه يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر مطلقا.
وهو مذهب سفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه، وهو رواية
عن الإمام أحمد.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) .
وجه الدلالة: أن اللَّه قد أمر بالسؤال، وأدنى درجاته جواز اتباع
المسؤول، واعتقاد قوله، وليس المراد به من لم يعلم شيئاً أصلاً،
بل المراد به من لم يعلم تلك المسألة، وسواء كان عاميا أو لم يجتهد
فيها وإن كانت له أهلية الاجتهاد، فكان هذا داخلاً تحت عموم
الآية.