الدليل الثالث: قياس أصول الدين على أركان الإسلام، فكما
أنه لا يجوز التقليد في أركان الإسلام وهو وجوب الصلاة،
والزكاة، والحج، والصوم، فأصول الدين من الوحدانية، والنبوة
أوْلى بعدم الجواز.
المذهب الثاني: أنه يجوز التقليد في أصول الدين.
وهو محكي عن بعض الشافعية، وهو اختيار الحشوية.
دليل هذا المذهب:
أن المنع من التقليد في أصول الدين يؤدي إلى إضلال أكثر الناس،
بيان ذلك:
أن العامة - وهم أكثر الناس - لا يدركون الأدلة على الأسماء،
والصفات، ولا يعرفون كيفية ترتيبها، ولا الطريق الذي أخذ منه
التوحيد والنبوات، ولا يمكن لهم ذلك، فإذا كانوا لا يعرفون
الأدلة، ويمنعون من تقليد غيرهم في ذلك أفضى ذلك إلى إضلالهم،
وهذا لا يجوز، فوجب القول بجواز التقليد لهم، كما جاز لهم
التقليد في فروع الشريعة ولا فرق، والجامع: عدم معرفتهم لأدلة
كل من الأصول والفروع.
جوابه:
أن العامي عارف بتلك الدلائل الخاصة بإثبات وحدانية اللَّه تعالى،
والأسماء والصفات كالعلماء في ذلك، وهو - أي العامي - وإن
كان لا يقدر على أن يعبر عنه بالألفاظ الكلامية، فإن ذلك لا يضره
في معرفته؛ لأن ذلك عجز عن العبارة، لا عن المعنى المحصل
للمعرفة، بيان ذلك: