المباح، فالمباح واجمما، وهو إنما يصفه بالوجوب أثناء فعله، أما
قبل الفعل فيجوز للمكلَّف - عنده - أن يفعله ويفعل غيره من أقسام
الحكم مما يتعلق به ترك الحرام.
ويلزمه - على هذا - أن يصف جميع الأحكام بالوجوب من
حيث ما يلزم عليها من ترك للحرام، ويلزم - أيضاً - من ذلك أن
يصف الحرام نفسه بالوجوب من حيث لزم عليه من ترك لحرام أعظم
منه، وكذا يقال في بقية الأقسام.
وعلى هذا: فهو يقول في المباح: هو مباح من حيث هو مخير
بين فعله وتركه، واجب من حيث ما لزم عليه من ترك للحرام.
وهذا ما نقله عنه أكثر الأصوليين، والجميع يسلِّم له ذلك، فظهر
أن الخلاف لفظي، وأن من نسب إليه إنكار المباح لم يحرر مذهبه.
وقد تكلمت عن ذلك في كتاب " الخلاف اللفظي عند الأصوليين "،
وكتاب " إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ".
المسألة السابعة: هل الإباحة تكليف؟
اختلف العلماء في الإباحة هل تدخل تحت التكليف أو لا؟
على مذهبين:
المذهب الأول: أن الإباحة ليست تكليفاً.
ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.
وهو الصحيح؛ لأن التكليف هو: طلب ما فيه كلفة ومشقة
بصيغة الأمر أو النهي، والإباحة - كما هو معروف - ليس فيها
مشقة جازمة كمشقة الوجوب والتحريم، ولا مشقة غير جازمة