حكمهم فلا إباحة في حقهم، فهذا معنى جعل المباح من أقسام
الأحكام التكليفية الخمسة، لا بمعنى أن المباح مكلف به.
بيان نوع الخلاف في هذه المسألة:
الخلاف في هذه المسألة لفظي؛ لعدم وروده على محل واحد،
فالنزاع راجع إلى الاختلاف في تفسير لفظ "التكليف ".
فمن فسَّر " التكليف " بأنه طلب ما فيه مشقة وكلفة بصيغة الأمر أو
النهي قال: إن المباح ليس مكلفاً به، وهو مذهبنا -.
ومن فسَّر " التكليف " بأنه: وجوب اعتقاد إباحته، وأنه من
الشرع قال: إن المباح مكلف به، وهو رأي الأستاذ أبي إسحاق.
أو تقول في الدليل على كون الخلاف لفظياً: إن أبا إسحاق أراد
بقوله: المباح مكلف به: أنه يجب اعتقاد إباحته، فلم يثبته بالنسبة
إلى أصل الفعل، بل بالنسبة إلى وجوب اعتقاد كونه مباحاً،
والوجوب من خطاب التكليف.
والجمهور لا يخالفونه في كون المباح من التكليف بهذا الاعتبار،
وهو لا يخالفهم في أن المباح ليس من التكليف باعتبار الفعل والترك.
فالخلاف لم يرد على محل واحد، فكان الخلاف لفظيا.
المسألة الثامنة: هل المباح من جنس الواجب؟
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن المباح ليس بجنس للواجب ولا هو داخل فيه.
ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.