للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالثة: لفظة النهي: " لا تفعل " إذا احتفت بها قرينة تصرفها

عن التحريم إلى الكراهة مثل قوله تعالى: (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) ، فإن النهي في قوله: " لا تسألوا " للكراهة،

وليس للتحريم، وقد صُرِف النهي عن التحريم إلى الكراهة بسبب

قرينة صارفة، وهي آخر الآية، وهي قوله تعالى: (وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) ،

فالسؤال عما لا يعرف ليس بحرام.

وهناك صيغ غير ما ذكرنا للكراهة تعرف من سياق الكلام.

المسألة الرابعة: ما يطلق عليه المكروه:

اختلف في إطلاقات المكروه على ما يلي:

فبعض العلماء يطلق لفظ " مكروه "، ويريد به الحرام والمحظور،

وقد روي هذا الإطلاق عن الإمام مالك، والشافعي، وأحمد

- رحمهم اللَّه جميعاً - وهو غالب في عبارة المتقدمين، وذلك تورعاً

منهم وحذراً من الوقوع تحت طائلة النهي الوارد في قوله تعالى:

(وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ) ،

فكرهوا - لذلك - إطلاق لفظ التحريم.

وبيَّن ابن القيم في " أعلام الموقعين " بأن هذا كان من أسباب غلط

كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم، حيث تورع الأئمة

عن إطلاق لفظ التحريم، وأطلقوا لفظ " الكراهة "، فنفى

المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة.