فلو لم يرد نص في النهي عن صوم يوم النحر لصح صيام يوم النحر،
ويأثم بإيقاعه في هذا اليوم المنهي عن الصيام فيه، كما قلنا في
الصلاة في الدار المغصوبة، ولكن الذي منعنا هو النص كما سبق.
الدليل الثاني: أن السيد لو قال لعبده: " خط هذا الثوب ولا
تدخل هذه الدار، فإن امتثلت أعتقتك، وإن دخلت الدار عاقبتك "
فخاط الثوب في تلك الدار المنهي عن دخولها، فإن العبد يعتبر
مطيعا لسيده من جهة، وعاصيا من جهة أخرى، فيحسن من السيد
عتقه ومعاقبته؛ نظراً للجهتين، حيث كان العبد مطيعا من جهة امتثال
أمر سيده - وهو: خياطة الئوب - فيستحق العتق من السيد على
ذلك، وكان عاصيا من جهة دخوله للدار المنهي عن دخولها،
فيستحق العقوبة.
وإذا ثبت ذلك هنا، فكذلك الصلاة في الدار المغصوبة؛ لأن
المكلَّف جمع بين الصلاة وكونها في الدار المغصوبة، كما جمع بين
خياطة الثوب ودخول الدار المنهي عنها.
الدليل الثالث: لو أن مسلما رمى سهما واحداً إلى كافر فمرق
السهم من الكافر وأصاب مسلماً فقتله: فيثاب من جهة، ويعاقب
من جهة أخرى.
بثاب ويملك سلب الكافر من جهة قتله كافرا محاربا لإعلاء كلمة
الله، وقد أمره اللَّه تعالى بذلك، ويستحق سلب هذا الكافر الذي
قتله.
ويعاقب هذا المسلم الرامي للسهم؛ لأنه قتل مسلما، وقد نهى
الله سبحانه عن قتله، فيدفع الدية، لأنه قتل خطأ.
فهذا فعل واحد عوقب وأثيب عليه، وذلك لتضمنه الأمر والنهي