والحالة هذه - ولا يقع في ذلك محال، ولكن المحال إذا كان الشيء
مطلوب الفعل ومطلوب الترك من جهة واحدة.
ولعلي أبين ذلك أكثر فأقول: إن الفعل - وهو الصلاة - مطلوب
الفعل، ومن حيث إن المكان المصلى فيه مغصوب: مطلوب الترك.
فيكون متعلق الأمر والنهي غير متحد.
أي: أن الصلاة من حيث هي صلاة مأمور بها - بقطع النظر عما
يلحقها من مكان أو غيره -، والغصب من حيث هو غصب منهي
عنه - بقطع النظر عما يلابسه من أفعال الصلاة.
وعلى هذا: تكون الصلاة معقولة بدون الغصب، والغصب
معقول بدون الصلاة، فيمكن وجود أحدهما بدون الآخر " قياسا
على من صلى ولم يغصب، أو غصب ولم يصل، فكما أن من
صلى ولم يغصب له أجر، ومن غصب ولم يصل عليه الإثم،
فكذا هاهنا، فإذا جمع المكلَّف بين الصلاة والغصب - أي: صلى
في مكان مغصوب - لم يخرجهما عن حكمهما في حال انفرادهما
وهو الأمر بالصلاة وكونها طاعة، والنهي عن الغصب وكونه
معصية، فيجب أن يثبت للصلاة والغصب ما يثبت لهما منفردين،
فالجمع بينهما لا يقلب حقيقتهما في أنفسهما.
اعتراض:
إن اعترض معترض قائلاً: إن قولكم هذا يلزم منه صحة صوم
يوم النحر؛ لأن الصوم من حيث هو صوم مطلوب، وإنما المنهي
عنه إيقاعه في هذا الزمن المنهي عن الصوم فيه، وأنتم تقولون: إنه
لا يصح صوم يوم النحر، وهذا تناقض.
جوابه:
أقول - في الجواب عن ذلك -: إن هذا الإلزام صحيح،