للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقلنا: إن ذلك مستحيل؛ لتضادهما وتنافيهما وتناقضهما، وهو

من باب تكليف ما لا يطاق، وهو لا يجوز كما سبق؛ لقوله

تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) .

***

المسألة المسادسة: هل يجوز أن يكون الواحد بالعين حراماً

واجباً من جهتين؟

مثل: الصلاة في الدار المغصوبة، أي: صلاة زيد في دار

مغصوبة من عمرو؛ حيث إن حركة زيد في الصلاة فعل واحد بعينه.

اختلف العلماء في صحة تلك الصلاة على مذهبين:

المذهب الأول: أنه يجوز أن يكون الواحد بالعين حراما واجبا من

جهتين، وعليه فتصح الصلاة في الدار المغصوبة.

ذهب إلى ذلك: أكثر الحنفية، وأكثر الشافعية، وهو قول الإمام

مالك، وبعض الحنابلة كأبي بكر الخلال، وابن عقيك.

وهو الصحيح عندي؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: أنه لا مانع من صحة الصلاة، وإن أوقعت في

مكان مغصوب؛ لأن فعل الصلاة في مكان مغصوب هو فعل واحد

له جهتان متغايرتان:

إحدى الجهتين مطلوب الفعل - وهو الصلاة والأمر بها -.

والجهة الأخرى مطلوب الترك - وهو الصلاة في الدار المغصوبة.

فإذا كان للفعل الواحد جهتان متغايرتان، فيجوز أن يكون مطلوب

الفعل من إحدى الجهتين مطلوب الترك، ولا مانع من الصحة -