دليل هذا المذهب:
قد استدل هؤلاء بقولهم: إننا لو قلنا بجواز كون الواحد بالنوع
واجبا حراما للزم من ذلك التناقض، وذلك لأن السجود نوع واحد
مأمور به، فيستحيل أن يكون منهياً عنه.
أي: أن السجود واجب يستحيل أن يكون محرما.
جوابه:
يمكن أن يقال - في الجواب عنه -: إن ذلك غير صحيح، لأنه
إذا تغاير متعلق الأمر والنهي لا يوجد تناقض، فيكون الواحد بالنوع
- وهو هنا السجود - واجبا باعتبار، وحراما باعتبار آخر، فلا
تناقض فالسجود للصنم غير السجود لله تعالى، بدليل: أن المأمور
به ليس هو النهي عنه في قوله تعالى: (لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) .
وقد انعقد الإجماع على أن الساجد للصنم والشمس عاص بنفس
السجود والقصد جميعاً، وأن الساجد لله تعالى مطيع بالسجود
والقصد جميعاً.
إذاً: لا تضاد في كون الواحد بالنوع واجباً حراما، إنما التضاد
يكون في الواحد بالشخص.
المسألة الخامسة: هل يجوز أن يكون الواحد بالعين حراماً
واجبا من جهة واحدة؟
أقول: يستحيل ويمتنع أن يكون الواحد بالعين حراما واجبا طاعة
ومعصية من جهة واحدة، كما لو قال: " صل صلاة الظهر ولا
تصل صلاة الظهر "، أو قال: " اعتق هذا العبد لا تعتق هذا العبد"
وهو يشير إلى واحد معين.