وهو الصحيح؛ لأن السكران في حالة سكره لا يفهم الخطاب،
فكيف يوجه إليه خطاب لا يفهمه، ويقال له: " افهم "؛ فهو زائل
العقل كالمجنون، والصبي غير المميز.
فلو طلب منه امتثال ما يقتضيه الخطاب - وهو في حالته تلك -:
لكان ذلك تكليفاً بما لا يطاق؛ حيث وجه إليه خطاب وهو لا يفهم
المقصود منه، وطلب منه امتثاله، وهذا محال.
المذهب الثاني: أن السكران مكلَّف مطلقاً.
ذهب إلى ذلك بعض العلماء من الحنفية والشافعية.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن السكران لو أتلف شيئاً، - لوجب عليه دفع قيمة
المتلف، ولو طلق السكران لوقع طلاقه، وهذا يدل على أنه مكلَّف،
ولو لم يكن مكلَّفا لما لزمه دفع قيمة المتلف، ووقوع الطلاق منه.
جوابه:
يجاب عنه: بأن إلزامه بدفع قيمة ما أتلفه، ووقوع طلاقه وهو
في حالة سكره من باب الحكم الوضعي، وليس من باب الحكم
التكليفي، فهو من قبيل ربط الأحكام بأسبابها، وقد سبق.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) .
وجه الدلالة: أن اللَّه سبحانه - هنا - قد وجَّه الخطاب إلى
السكران، فلو لم يكن السكران مكلَّفا لما صح توجيه الخطاب إليه.