المسلم المحدث - وهو المقيس عليه - لا يؤمر بالصلاة مباشرة، بل
إنه يؤمر بالوضوء، فإذا توضأ أمر بالصلاة، بدليل: أن المحدث -
حال حدثه - لا يتصور أن يؤمر بالصلاة؛ لأنه حال حدثه لا يمكن
أن يمتثل الصلاة، بل يكون عاجزاً عن إيقاعها؛ لذلك قلنا: إنه يؤمر
بالوضوء والتطهر، فإذا تطهر أمر - حينئذٍ - بالصلاة.
جوابه:
يجاب عنه بأنا لو سلمنا لكم أن المحدث يؤمر بالوضوء، فإذا
توضأ أمر بالصلاة: للزم كما ذلك أمران باطلان:
أولهما: أن المحدث لو ترك الصلاة طول عمره، فإنه لا يعاقب
على تركها، بل يعاقب على ترك الوضوء - فقط -؛ لأنه ليس
مأموراً بغيره، ثم إذا فعله أمر بالصلاة، وهذا باطل؛ لأنه خلاف
الإجماع؛ حيث أجمع العلماء على أن المحدث لو ترك الصلاة فإنه
يعاقب على ترك الصلاة، ولا يعاقب على ترك الوضوء.
ثانيهما: أنه يلزم - على كلام المعترض -: أن المحدث إذا توضأ
لا يصح أمره بالصلاة بعد ذلك، بل يؤمر بعد الوضوء بتكبيرة
الإحرام، فيشترط تقديمها، بل يؤمر بهمزة التكبيرة، ثم الكاف،
وهكذا، وكذلك السعي إلى الجمعة ينبغي أن لا يتوجه الأمر به إلا
بالخطوة الأولى، ثم بالثانية وهكذا، وهذا لم يقل به أحد.
الاعتراض الثاني: أن قياسكم الكفر على الحدث من المسلم قياس
فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، بيانه:
أن المعنى في الحدث لا ينافي فعل الصلاة، ولهذا تصح صلاة
المتيمم وهو محدث، والكفر ينافي الصلاة بكل حال.