للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيمان، فلو كان الخطاب يتوجه إليهم بغير ذلك الأمر لأمره أن

يدعوهم إليه.

ويفهم من هذا: أنهم إن لم يمتثلوا لا يدعوهم إلى الصلاة ولا

إلى الزكاة، وهذا يؤدي إلى أنهم غير مكلفين بها عند كفرهم؛ إذ

لو كانوا مكلَّفين بها حال كفرهم كما هم مكلَّفون بها حال إسلامهم

لأمرهم بها، وإن لم يجيبوه إلى الإيمان؛ لأنهم مكلَّفون بكل من

الإيمان والفروع استقلالا.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أن الحديث لو دلَّ على ما تقولون للزم منه أن

يكون الحديث دالاً على أنه لا يؤمر الشخص بالزكاة إلا إذا أجابه إلى

الصلاة، ويكون هناك ترتيب في الدعوة بين الصلاة والزكاة ولم يقل

به أحد.

وإنما الغرض من الحديث هو التسهيل في الدعوة، ومراعاة أحسن

الطرق فيها، ومعروف أن من شأن من لم يجب الداعي إلى الإيمان

أنه لا يجيبه إلى غيره من الفروع، فتكون دعوته إلى الفروع عبثا.

الجواب الثاني: أن الحديث دلَّ على أن الكافر غير مكلَّف مطلقا

بطريق المفهوم المخالف، والآيات السابقة التي استدللنا بها على أن

الكافر مكلَّف مطلقا دلَّت على ذلك بالمنطوق، والمفهوم لا يقوى

على معارضة المنطوق.

الدليل الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دعا قيصر وكسرى وكتب إليهما في ذلك لم يدعهما إلا إلى التوحيد، ولم يدعهما إلى غيره؛ إذ