وإنما هو من باب خطاب الوضع، أي هو: من باب ربط الحكم
بسببه، فجناية الشخص سبب في دية العاقلة؛ لأن المصلحة اقتضت "
ذلك..
الشرط الرابع: أن يكون الفعل معدوماً.
أي: أن يكون الفعل الذي طلب من المكلََّف فعله معدوماً، أي:
لم يوجد، فمثلاً: يؤمر المسلم بصلاة الظهر قبل الزوال، فصلاة
الظهر فعل أمر الشارع بفعلها قبل وجودها، وكذا يؤمر الإنسان
بخياطة ثوب معدوم، فإن هذا الأمر صحيح؛ لأن كلًّا من صلاة
الظهر والثوب لم يوجد قبل الأمر.
أما ما هو موجود فيستحيل وقوعه من المكلَّف، فلا يحسن عقلاً
الأمر بفعل شيء موجود، وهذا عند جمهور العلماء وهو الصحيح،
لوجهين:
الوجه الأول: أن يجاد الشيء الموجود تحصيل حاصل، لا يرد به
الشرع، فهو مستحيل كاستحالة الجمع بين الضدين، وجعل الجسم
في مكانين في وقت واحد.
الوجه الثاني: أنه لا يحسن أن يؤمر من هو قائم بالقيام، ومن
هو يكتب بالكتابة؛ لوجود القيام، والكتابة قبل الأمر، فكذلك هنا.
هذا هو المذهب الأول في المسألة.
المذهب الثاني: أنه يجوز الأمر بفعل شيء موجود.
ذهب إلى ذلك بعض المتكلمين.
دليل هذا المذهب:
أنه لو لم يصح الأمر بفعل الموجود للزم من ذلك أمران: