للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولهما: أنه لا يصح ذم الكافر على كفره - الذي هو فيه في

الحال -، لأنه لا يصح أمره بتركه لكون الأمر موجوداً.

ثانيهما: يوجب أن لا يكون المؤمن مأموراً بالإيمان؛ لأن ما وجد

منه لا يصح الأمر به وهو على هذه الصفة.

جوابه:

يجاب عنه ت بأن الكافر إنما يستحق الذم على فعله من اعتقاد

الكفر والبقاء عليه، فهذا ليس فيه دلالة على كونه مأموراً بما قد وجد

منه.

وأما أمر المؤمن بالإيمان فليس المقصود منه الأمر الحقيقي، وإنما

المراد بالأمر هنا هو: طلب الاستمرار على الإيمان، والله أعلم.

الشرط الخامس: أن يكون الفعل مقدوراً للمكلَّف.

فلا يجوز تكليف ما لا يطاق، بل لا بد أن يكون الفعل يستطيع

المكلَّف فعله والقدرة عليه، فإن كان محالاً كالجمع بين الضدين،

وقلب الأجناس، وإعدام القديم، وإيجاد الموجود، ونحو ذلك،

فلا يجوز التكليف به.

ذهب إلى ذلك الغزالي، وأبو حامد الإسفراييني، وإمام الحرمين

وأبو بكر الصيرفي، وابن قدامة، وكثير من العلماء، وهو الصحيح

عندي؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ،

وقوله: (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) .

وجه الدلالة: أن اللَّه سبحانه صرح في هاتين الآيتين على اشتراط

القدرة من المكلَّف فيما يكلف به من الأفعال، وهذا يدل دلالة