للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واضحة على أن تكليف ما لا يطاق غير جائز، فلا يكلف اللَّه العباد

عملاً من أعمال القلب أو الجوارح إلا وهي في وسع المكلََّف، وفي

مقتضى إدراكه.

الدليل الثاني: قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) .

وجه الدلالة: أن التكليف بما لا يطاق فيه حرج واضح للمكلَّفين،

والله عَزَّ وجَلَّ - هنا - نفى أن يكلف أي إنسان بشيء فيه حرج عليه،

قال بعض العلماء: " وأي حرج فوق التكليف بما لا يطاق "،

وقال الآمدي في " الإحكام ": " ولا حرج أشد من التكليف بما لا

يطاق ".

الدليل الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"دعوني ما تركتكم إنما أهلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".

وجه الاستدلال: أن الناس إنما كلَّفوا فيما يستطيعون من الفعل،

فثبت أن تكليف ما لا يطاق لا يجوز.

الدليل الرابع: أن المحال - وهو: ما لا يطيقه المكلَّف لا تتصور

فيه الطاعة فلا يتصور استدعاء وطلب المحال من المكلَّف؛ قياساً على

أنه يستحيل من العاقل أن يطلب من الشجرة أن تخيط له ثوباً.

أي: كما أنه يستحيل أن يطلب العاقل من الشجرة الخياطة؟

لعدم تصور الطاعة منها، فكذلك يستحيل طلب المحال من المكلف

- وهو الذي لا يستطيع أن يفعله -؛ لعدم تصور الطاعة في ذلك:

الدليل الخامس: أن اشتراط كون الفعل ممكنا ومستطاعا أوْلى من