اشتراط كون المكلَّف عاقلاً فاهما للخطاب، ومن اشتراط كون الفعل
معدوماً؛ وذلك لأن الفعل المكلََّف به ممكن إيقاعه من غير العاقل،
وممكن إيقاعه من غير الفاهم، وممكن إيجاده مرة أخرى، أو يوقع
ما يماثله، ولكن يستحيل أن يوقع المكلََّف المحال، فكيف يطلب - من
المكلَّف إيقاعه، فثبت أن تكليف ما لا يطاق لا يجوز.
تنبيه: المعتزلة يوافقوننا على أن تكليف ما لا يطاق لا يجوز.
وقد استدلوا ببعض الأدلة السابقة، وأضافوا إليها دليلاً قويا
عندهم وهو قولهم: إن تكليف ما لا يطاق قبيح عقلاً، والله
سبحانه لا يكلف بالقبيح استناداً إلى قاعدتهم وهي: " التحسين
والتقبيح العقليين ".
هذا هو المذهب الأول في المسألة.
المذهب الثاني - في المسألة -: أنه يجوز تكليف ما لا يطاق.
ذهب إلى ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني، ونسب إلى أبي الحسن
الأشعري، واختاره فخر الدين الرازي، وذهب إليه كثير من العلماء.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) .
وجه الاستدلال: أن هذا تكليف بالسجود مع عدم الاستطاعة،
وهو يدل على جواز تكليف ما لا يطاق.
جوابه:
يجاب عنه بأن هذا لا يصح أن يحتج به على ما نحن فيه، وإنما
يصح الاحتجاج به أن لو أمكن أن يكون الدعاء في الآخرة بمعنى