للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التكليف، وليس كذلك للإجماع على أن الدار الآخرة إنما هي دار

مجازاة، لا دار تكليف.

الدليل الثاني: قوله تعالى: (وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) .

وجه الاستدلال: أن هؤلاء سألوا اللَّه دفع ما لا يطيقون، ولو لم

يَكن تكليف ما لا يطاق جائزاً لما سألوا دفعه، ولا أقرهم عليه،

فلما سألوا دفعه، وحصل الإقرار على ذلك: دلَّ على جوازه.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

أولهما: أن المراد بما لا يطاق في الآية هو: الشاق الذي يثقل

على الإنسان، وعلى هذا فهم سألوا اللَّه دفع ما فيه مشقة على

النفس بحيث يؤدي إلى هلاكها، وهذا متعارف عليه في اللغة،

فيقول الشخص لما يشق عليه: " لا أطيقه ".

ثانيهما: سلمنا إرادة دفع ما لا يطاق، لكن هذه الآية معارضة بما

استدللنا به على عدم جواز تكليف ما لا يطاق، وهو قوله تعالى:

(لا يكلف اللَّه نفساً إلا وسعها) ، وقوله: (وما جعل عليكم في

الدين من حرج) ، وقوله: (لا نكلف نفسا إلا وسعها) ، فإن

هذه الآيات قد صرحت في عدم جواز تكليف ما لا يطاق،

أما ما ذكرتموه من قوله تعالى: (ولا تحملنا ما لاطاقة لنا به) ، فهي

ليست صريحة في جواز تكليف ما لا يطاق، لأنه يتطرق إليها عدة

احتمالات:

ومنها: ما قلناه في الجواب الأول.

ومنها: أن سؤال دفع ما لا يطاق حكاية حال الداعين، ولا حُجَّة