ولكن هذه الاستحالة لا ترجع إلى نفس الشيء، بل مستحيل
لغيره، فلا يؤثر فيه.
الدليل الرابع: إن تكليف ما لا يطاق لا يستحيل من حيث صيغته،
حيث وردت صيغته في قوله تعالى: (كونوا قردة خاسئين) ،
وقوله: (قل كونوا حجارة أو حديداً) ، وقوله: (كن فيكون) ،
فإن هذه أوامر ظاهرها أنها مخاطبة للمكلَّفين بأن يكونوا قردة، أو
حجارة، أو أى شيء آخر، وهذا لا يستطيع المكلَّف فعله، فهذا
تكليف ما لا يطاق.
جوابه:
يجاب عنه بأنه ليس في تلك النصوص أوامر؛ حيث إن تلك
الأوامر ليست حقيقية، إذ ليس فيها مطالب.
فالمراد من قوله تعالى: (كونوا قردة خاسئين) : التكوين من
أجل إظهار القدرة لله تعالى، وقيل: إن هذا للسخرية منهم.
والمراد من قوله تعالى: (قل كونوا حجارة أو حديداً) التعجيز؟
حيث أراد اللَّه تعالى أن يظهر قدرته عليهم وأن يعجزهم.
والمراد من قوله تعالى: (كن فيكون) ، إظهار القدرة عليهم،
لا بمعنى أنه طلب من المعدوم بأن يكون نفسه.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف في هذه المسألة لفظي لا أثر له في الفروع، حيث لا
وقوع لها في الفروع، وإن كان لها أثر في أصول الدين في مسألة
"الاستطاعة "، وفي مسألة " القدر "، فإن شئت فارجع إلى ذلك
في كتب العقيدة فهو مبسوط هناك.