بيان نوع الخلاف:
الخلاف في هذه المسألة لفظي يرجع إلى النظر إلى كل من
الرخصة والعزيمة، فاختلف الفريقان بحسب هذا النظر.
فمن نظر إلى أن كلًّا من الرخصة والعزيمة متصفة بالوجوب، أو
الندب، أو الإباحة، وأنه يوجد في العزيمة معنى الاقتضاء، ويوجد
في الرخصة معنى التخيير، فإنه عدهما من الأحكام التكليفية.
ومن نظر إلى أن الرخصة - في الحقيقة - هي وضع الشارع وصفاَ
معيناً سبباً في التخفيف، وأن العزيمة - في الحقيقة - هي: جعل
الشارع الأحوال العادية للمكلفين سببا لبقاء الأحكام الأصلية
واستمرارها في حقهم، فإنه عدَّهما من الأحكام التكليفية؛ لأنه
اعتبر السبب، والسبب من الأحكام الوضعية.
فاختلفت أنظار كل من الفريقين لاختلاف المنظور إليه، فكان هذا
الخلاف خلافا لفظيا. في المسألة الرابعة: في أقسام الرخصة:
الرخصة تنقسم إلى عدة أقسام هي كما يلي:
القسم الأول: رخصة واجبة، أي: يجب الأخذ بالرخصة، فإن
امتنع عن ذلك، ثم مات، أو لحقه ضرر، فإنه يأثم بذلك، ومن
أمثلة ذلك:
١ - أكل الميتة للمضطر، وقلنا ذلك؛ لأنه حكم ثابت على
خلاف الدليل وهو قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) لعذر،
وهو الاضطرار.
- ٤٥٥ -