والدليل على أن لغة العرب يدخلها المجاز هو: وقوعه فيها،
فاستعمل العرب لفظ " الأسد " للرجل الشجاع، و " الحمار "
للرجل البليد، و " البحر " للرجل العالم، وقولهم: " قامت
الحرب على ساق "، وقال الشاعر:
أشاب الصغير وأفنى الكبير ... كر الغداة ومر العشي
فهنا نسب الشاعر فعل الشيب، والإفناء إلى تعاقب الأيام
والليالي، وهذا لا شك في أنه مجاز.
والأمثلة على ورود المجاز في لغة العرب كثيرة لا تكاد تحصى.
ما اعترض به على هذا الدليل:
لقد اعترض على هذا الدليل باعتراضين:
الاعتراض الأول: أن العرب عبروا عن الرجل الشجاع بالأسد،
وعن البليد بالحمار، ولكن هذا التعبير حقيقي.
جوابه:
يجاب عنه: بأن هذا لا يصح؛ لأنه لو كان حقيقة فيه: لكان إذا
قال: " رأيت حماراً " أنه لا يسبق إلى فهمه الحمار المعهود، بل
الذي يسبق إلى الفهم: الرجل البليد والحمار المعهود معا.، فلما
سبق فهمه إلى الحيوان البهيم دلَّ على أنه مجاز في الرجل البليد،
وأيضا: أنه لما احتاج إلى قرينة دلَّ على أنه مجاز؛ لأن الحقيقة تفهم
بدون قرينة.
الاعتراض الثاني: الحقيقة قد عمَّت جميع الأشياء، فلا نحتاج
إلى المجاز، فلم يعبر به القرآن؛ لأنه لا يفيد، وبالتالي يكون
عبثاً.