وقوله: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) ، فلو كان فيه بعض
ألفاظ بغير العربية لما وصفه بأنه عربي.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) .
وجه الدلالة: أن اللَّه صرح بأنه لا يوجد في القرآن لفظ بغير
العربية، فمعنى الآية: إنا جعلنا القرآن كله عربيا، لأنا لو جعلناه
أعجميا لقامت حُجَّة الكفار علينا، وقالوا: كيف يأتي قرآن
أعجمي، ونبي عربي؟! ولذلك أنزلناه عربيا محضا، لنقطع عليهم
قولهم هذا، فثبت أنه عربي محض لتقوم الحُجَّة به، ولئلا يتجه
لهم إنكاره.
الدليل الثالث: أن اللَّه تعالى أنزل هذا القرآن لبيان الأحكام
الشرعية.
ولبيان إعجازه لهم في أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور، أو بسورة
واحدة، قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِ) ، وقال: (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) ، وقال: (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) ، فقد تحداهم
بذلك وبأقل من ذلك، ويمتنع أن يتحداهم بما ليس من لسانهم ولا
يتقنونه؛ لأن هذا تكليف ما لا يطاق، كما لا يمكن أن يقال
لعجمي: " هات مثل المعلقات السبع "، أو مثل واحدة منها، أو
نحو ذلك.
كذلك هنا: لا يمكن أن يتحداهم إذا كان بألفاظ ليست عربية،
حيث إنه يمكن لأي واحد منهم أن يقول: " ليس هذا بلغة لنا،
وعجزنا عن الإتيان بمثله لا يدل على إعجازك وصدق نبوتك ".