للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما. الدليل ممت معنى الآية على أن الوقف الصحيح على قوله

تحالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ، فمن وجوه هي كما يلي:

الوجه الأول: أن اللَّه - في الآية - قد ذم مبتغي تأويل المتشابه

والمتبعين لذلك؛ حيث إنهم وصفوا بزيغ القلوب، وابتغاء الفتنة،

ولو كان تأويل المتشابه معلوماً للراسخين في العلم: لكان مبتغي

تأويله ممدوحاً غير مذموم، فلما ذم اللَّه تعالى مبتغي التأويل: عرفنا

أن سبب ذلك الذم هو: كونه يزاحم اللَّه فيما استأثر بعلمه، فينتج

من ذلك: أن اللَّه هو المتفرد بعلم المتشابه، لا يشاركه فيه أحد،

وهذا يثبت المطلوب، وهو: أن الوقف على قوله: (إِلَّا اللَّهُ) .

الوجه الثاني: أن لفظة " أما " تأتي في اللغة لتفصيل الجمل،

فلابد أن يكون في سياقها قسمان، وهذان القسمان إما أن يصرح

بهما، أو يصرح بأحدهما، ويفهم الآخر تقديراً.

مثال الأول: قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا) .

ومثال الثاني - وهو ما صرح بأحد القسمين دون الآخر - قوله

تعالى: (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) ، ولم يذكر القسم الثاني لدلالة المذكور عليه، فكأنه

قال: وأما من لم يؤمن ولم يعمل صالحاً فلا يكون من المفلحين.

والآية التي نحن بصددها من هذا القسم؛ حيث قال تعالى:

(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ، فهذا تمام القسم الأول، وذكْر هذا

القسم يدل دلالة واضحة على أن هناك قسماً آخر يخالفون من ذكروا

في هذا القسم - وهو القسم الثاني للفظة: " أما " تقديرة: وأما